Uncategorized

التوجيهي .. بين المعمول به والمأمول له

بقلم: نسيم فريحات
إن التطوير واعادة النظر بالشكل العام والمضمون للمرحلة الثانوية أصبح خيارا لا مفر منه بل اضحى ضرورة ملحة للنهوض بمستوى مخرجات التعليم الثانوي في الاردن, ففي خضام الوتيرة المتسارعة في التغيير التي يشهدها العالم والتطور الهائل في شتى المجالات بات علينا لزاما أن ندق ناقوس العمل والبدء بالاجراءات للنهوض بمستوى التعليم , وادراك ما قد فاتنا لمجاراة الركب في العالم, ورفع سوية المخرج التعليمي الثانوي لابنائنا الطلبة .
في الاردن لطالما تغنينا وأشير الينا بالبنان في جودة مخرجات التعليم الثانوي, ولاكن هذا البريق قد فقد لمعانه حين تم اتخاذ قرارات ربما لم تكن مدروسة بالشكل الصحيح, أو أن من اتخذها لم يوفق في قرارة .
وحين الحديث عن إجراء تطوير واعادة هيكلة لامتحان الثانوية العامة فالكل يرفع يده بالموافقة, وحينما يتم التشاور الجميع يبدي برأيه, ولكن ; حين يبدأ العمل نرى الجميع وبلسان ساخط يرفضون الفكرة جملة وتفصيلا بحجة انهم مدافعين عن قدسية هذه المرحلة ظنا منهم أنهم حريصون على مصلحة الطلبة.
كما وهو متعارف ومعروف , حينما نريد إجراء اي تغيير في أي منشأة ومنظمة او إجراءات فلا بد لنا من بعض الامور التي واجب علينا أن نعرج عليها.
أولا : ما هو التغيير ؟
يعرف بأنه التحرك من الوضع الحالي الذي يمر به التعليم الثانوي إلى وضع جديد أكثر كفاءة وفاعلية وتطبيق إجراءات وطرق وسلوكيات جديدة.
ثانيا: أنواع التغيير :
• التغيير المخطط: وهو التعديل الهادف والمقصود في البنية التعليمية، أو سلوك العاملين والافراد والطلبة والاهل والمجتمع المحلي، وغالباً ما يكون استجابة لضغوط خارجية وأحياناً داخلية(كارتفاع البطالة والحاجة الملحة لافراد مدربين ومؤهلين لإشراكهم بسوق العمل…..)
• التغيير الطارئ: وهو ما يكون نتيجة لوضع أو حالة استجدت في البيئة المحيطة أو خارجها مما استدعى ضرورة التغيير وهذا لا ينطبق على الوضع التعليمي في الاردن.
• التغيير الجذري: التغيير الناتج عن استبدال ما هو موجود في المرحلة التعليمية الثانوية بأهداف جديدة ومواد وتخصصات لم تكن ذي قبل وتوجيهها بطرق مختلفة عما كان موجوداً قبل التغيير.
• التغيير التدريجي: وهو التغيير الواعي والمقصود دون تبديل جوهري في عناصر المرحلة الثانوية على مدى متوسط من الزمن وليس بين ليلة وضحاها ..
ما قبل عملية التغيير والتطوير :
لا بد لنا من أخذ بعض الامور في الحسبان والنظر اليها على محمل الجد كالتالي ذكره:
– يجب تهيئة الجو العام بضرورة وأهمية اجراء هذا التعديل والتطوير وكسب التأييد وتمهيد الرأي العام قبل المضي قدما بأي خطوة لتكون داعمة لهذا المسار ومساعيه وليكون الجميع شريكا في هذه الخطوة ومستشعرا أهميتها من جانب , ومن جانب آخر لكي يكون المجتمع المحلي في صف التغيير لا في صف المعارضين له .
– الشخص الذي سيقود هذه المرحلة لابد له من أن يكون من الأشخاص المقبولين على مستوى الوطن ةمن الاشخاص الموثوق بهم في المجتمع المحلي لتخفيف وطأة الرفض ولكسب التفاف الناس حوله ومساعدته في مساعيه.
– تحديد نوع الاستراتيجية المستخدمة لتطوير وتغيير الثانوية العامة مثلا :
• استراتيجية الرشد والتطبيق العملي: يبنى على افتراضات عقلانية أهمها أن الطلبة يميلون لتطبيق ما يحقق مصالحهم، وبالتالي لا بد من شرح وتوضيح ذلك لهم، واستخدام ونشر وتبادل المعلومات لاتخاذ القرار الرشيد.
• استراتيجية القيم: تقوم على الاعتراف بأهمية القيم في حياة الأفراد وما لها من تأثير على سلوكهم، وبالتالي لا بد من إعادة التعلم لإحلال القيم الجديدة بدلاً من القديمة لعدم فعاليتها.
والعديد من الاستراتيجيات مثل إثارة عدم رضا الطلبة عن الوضع القائم، بالإضافة لتفعيل دور الإدارة العليا والحصول على دعمها، ومشاركة العاملين والطلبة في صنع واتخاذ القرار وتحديد الشكل الجديد للثانوية العامة، ناهيك عن إمكانية ربط المكافآت بالتغيير.
شكل الثانوية العامة .. ما بين المعمول به والمأمول له
هنالك العديد من المقترحات التي يمكن الاستعانة بها لتطوير مرحلة الثانوية العامة بعد التشاور مع كافة الاطياف للخروج بشكل يليق بمستوى الطالب الاردني ولجعل التعليم في الاردن مقصدا ومرجعا في الوطن العربي .
المقترح الاول : الاستعانة بالانظمة التعليمية الناجحة ذات الترتيب المتفوق على مستوى العالم ودراستها بشكل معمق من النواحي الايجابية والسلبية وأخذ ما يمكن تطبيقه منها ونقل التجارب الناجحة منها الى الاردن, مع مراعات أن الناجح من الانظمة في دولة ليس بالضرورة أن يكون ناجحا في دولة أخرى والتاكد من انها متوافقة مع معايير وعادات وخصوصية المجتمع الاردني; فكل مجتمع لديه ما يميزة عن غيره.
المقترح الثاني : إعادة النظر بتقسيم العلامات في المرحلة الثانوية, بمعنى اخر أن يتم معدل الثانوية بالشكل التالي(مثلا) :
الصف العاشر5% + 25% الأول ثانوي + 70% التوجيهي ..
ولهذه الخطوه أبعاد اخرى منها زيادة الاهتمام من قبل الطلبة واولياء الامور بالمرحلتين السابقتين للثانوية العامه, واعطاء جزء من العلامة للمدرس يشعره بنوع من المسئولية والتشاركية في هذه المرحلة.
المقترح الثالث:
أن يتم إعادة تقسيم التخصصات في الثانوية العامة , وان يكون القبول فيها بناءا على قدرات الطالب لا ميوله وان يكون الالتحاق فيها بناءا على اختبارات قبول ومن ثم التوزيع يأتي بناءا على النتائج, على سبيل المثال : يتم اجراء اختبار التوزيع بعد انهاء الطالب الصف العاشر بالمواد المشتركة للجميع, وان يكون الاختبار لقياس المجالات المعرفية والتأكد من الطالب لديه المهارات والمعارف التي تؤهله لدخول الحقل المطلوب.
المقترح الثالث: إدراج بعض الاختبارات مثل اختبار جون لويس هولاند Test Holland أو نموذج RIASEC، في مرحلة التوزيع الذي يمكنهم من اكتشاف ميولهم المهنية والمهن الملائمة لنمط شخصياتهم و وبالتالي يتم إدراج الطالب فيما يتوافق مع شخصيته وميوله مما يشكل دافعا للابداع والتميز لاحقا.
المقترح الرابع : التفكير الجدي بمواكبة متطلبات سوق العمل , فهنالك تخصصات لا بد من ادراجها في المرحلة الثانوية واعادة بعضها الى الواجهه لحاجتها الملحة مثل وعلى سبيل الذكر لا الحصر :
1- البرمجه و وتطوير التطبيقات وتكنولوجيا المعلومات والشبكات : ليس من المعقول في ضل الثورة التكنولوجية الهائلة أن يتم تقليص عدد حصص مادة الحاسوب بالرغم من حاجة سوق عمل المحلي والعالمي لهذا المخرج التعليمي, وانشاء حقل متخصص بهذا المجال ليتمكن الطالب من بعدها الالتحاق بالجامعة بالتخصصات المشابهة وذات العلاقة, أو البدء بعد هذة المرحلة بشق طريقة في سوق العمل بعد امتلاكة للمهارات اللازمة .
2- إدارة الاعمال والريادة والتجارة الالكترونية والتسويق والتواصل الاجتماعي : لا يمكن الانكار بأن هذه الحقول أصبحت تشكل رافدا مهما للاقتصادات العالمية والاقتصاد الاردني على وجه الخصوص , وأن التحول الهائل والازمات التي شهدناها جعلت منها ركن أساسي في حياتنا, فما المانع من ادارجها كحقل في الثانوية العامة منها لاكتساب الاساسيات المعرفية للطالب جاعلة منه فردا منتاجا لنفسة بعد الثانوية العامة حتى وان التحق بالجامعة بعد ذلك .
3- صيانة السيارات الحديثة, سيارات الهايبريد وبطارياتها, صيانة الهواتف والاجهزة الذكية : لا يكاد يخلو أي منزل من منازلنا من هذه المقتنيات ولا يقتصر امتلاكها على فئة غير اخرى وبالتالي يصبح لدينا ما بعد الثانوية العامة أشخاص قادرين على مجارات سوق العمل , وانشاء اعمالهم الخاصة بهم مخففين الحمل عن قطاع الوظائف .
4- الحرف اليدوية و القطاع السياحي : الاردن بلد يرتكز على قطاع السياحة بشكل كبير في رفد السوق المحلي بالعملة الصعبة وتشغيل الشباب , اذ يعد الاردن من اهم الوجهات السياحية العلاجية والدينية والتاريخية الآمنه في المنطقة اذ يمتلك تشكيلة متنوعة من الاماكن المختلفة لتكون مقصدا للزوار, وبناءأ على ما اسلفت لماذا لا يتم تأهيل الشباب أكاديميا في حقل يضمن إعداد وتأهيل الشباب للإنخراط في هذا المجال بعد الثانوية العامة أو الالتحاق بالجامعة أو رفد الاسواق العربية بهم عند الحاجة.
المقترح الخامس : جعل المرحلة الثانوية تقدم على مراحل لا دفعة واحدة في سنة واحدة وأن تكون شبيهة بالمرحلة الجامعية وتكون على ثلاثة سنوات من العاشر الى الثاني ثانوي وان يسير الطالب على خطة متخصصة في كل حقل بعد أن يتم توزيعهم على تخصصاتهم وحقولهم بعد الصف التاسع بدلا من العاشر.
وأن يسير الطالب على خطته المعتمدة له تاركين له حرية اخذ المواد بشرط اجتيازها جميعها لدخول الجامعه, وشريطة ارتباط المواد مع بعضها بوجود التتالي (المتطلبات السابقة) والتزامن لبعض المواد, مما يراعي الفروقات الفردية للطلبة مع امكانية التقدم للجامعات حين الانتهاء من الخطة مباشرة , والذي بدورة يجعل الطالب ذو القدرات العالية يتمكن من اجتياز ما يستطيع تحمله في الفصل ووجود احتمالية انهاءة للمرحلة الثانوية قبل غيره من الطلبة مما يشكل حافزا لديه, وبالنسبة للطالب الضعيف في مستواه يتم تخفيف الضغط النفسي عليه وتخفيف الضغط ايضا على الاهل.
المقترح السادس: إجراء أستفتاء واستبيان على جميع اطياف الوطن من الطلبة الى الاهل والعاملين في القطاع التعليمي, فلبرما تأتي الفكرة الاصوب من الاغلبية الصامتة ومن أشخاص ليسو من قطاع التربية والتعليم, فالمرحلة تتطلب استشارة جميع الاطراف والاطياف, فهي مرحلة حساسة تنعكس ظلالها على جميع القاطنين داخل حدود الاردن.
وفي الختام لا يسعني القول الا بأن التطور لا يتم الا بعد التحرك وأخذ زمام المبادرة والمضي قدما في العمل, وأن الاردن الان في امس الحاجة لنقلة نوعية في قطاع التعليم تتطلب منا جميعا أن نقف يدا بيد … وكتفا على كتف, والتي تحتاج بدورها الى تناسي الخلافات وتقبل التغيير الايجابي بغض النظر عن الذي سيقود هذه المرحلة الهامة والمفصلية في تاريخ الاردن الحديث, ولنطلقها رصاصة إيذانا بالبدء العملي الجاد لرفعة الوطن, وأن نسير بخطى ثابتة خلف قيادتنا الحكيمة وأن نطبق رؤاه وننتهج نهجه في البناء .
ولا يسعني القول في الختام أن ما أسلفته وذكرته ووضعته بين أيديكم ما هو إلا إجتهاد شخصي يحتمل الصواب والخطأ , فإن أصبت فبتوفيق من الله وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان .
حمى الله الاردن وحمى الله قيادتنا الهاشمية الحكيمة و ولي عهده الامين وهذا الشعب الرصين .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى