الشرق الأوسط

محمود مشارقة يكتب: قراءة في خسائر إسرائيل الاقتصادية

اقتصادنا – دبي – رصد
كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية مقالا نشره عبر صفحته الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك تحدث فيه عن التداعيات المباشرة وغير المباشرة للحرب الأخيرة وأثرها على الاقتصاد الاسرائيلي وما حمله من خسائر بمئات #الملايين وخسائر فاقت ال 8. 0% من الناتج المحلي الاسرائيلي والتي تعادل أضعاف ما خسره قطاع غزة والذي انتصر في المعركة الأخيرة، حيث فقدت إسرائيل 30 % من قيمتها بعد الحرب

وتاليا المقال كما نشره المشارقة

قراءة متأنية لتداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة تدفعك الى خلاصة سريعة مفادها أن خسارة تل أبيب لم تقتصر على الجانب العسكري، بل تعدته الى تكبد خسائر اقتصادية باهظة.
تقارير عبرية تؤكد أن حجم الخسائر التي سببتها الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي خلال 11 يوما فقط، تعادل حوالي 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعادل ضعف الخسائر الحرب على قطاع غزة في 2014، والتي استمرت 51 يوما، وتسببت في أضرار كبيرة بلغت 0.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
مصادر مستقلة تقدر حجم الخسائر بحوالي 0.8 % من الناتج المحلي الإسرائيلي بعد حساب دقيق للأضرار التي تكبدتها الدولة العبرية ، أي ما يعادل 2.4 مليار دولار، وذلك بحساب التكلفة الباهظة جدا لاعتراض كل صاروخ محلي الصنع أطلقه الفلسطينيون من غزة والتي تقدر بـ50 إلى 100 ألف دولار لكل اعتراض.
الأرقام أعلاه نشرتها الصحافة الإسرائيلية رسميا ، لكن الجانب الآخر الذي لم يسلط عليه الضوء التكلفة غير المباشرة للحرب ، حيث أقفلت إسرائيل مطارها الرئيسي في تل أبيب في وجه الرحلات الدولية لأيام ، وتوقف تدفق النفط في إيلات بعد ضرب الأنابيب الناقلة، كما توقف حقل غاز تامار، وفقدت البورصة الإسرائيلية 30% من قيمتها السوقية ، كما زادت طلبات التعويضات من العاملين الإسرائيليين بعد توقف كثير من المصانع عن العمل ، كما أن الاضرار لم تقتصر على الخسائر الحكومية ، وانما شملت الأفراد وممتلكاتهم و القطاع الخاص ومنشآته، إذ تغيب 35% على الأقل من العمال في المدن الجنوبية عن أعمالهم خلال 11 يوما من المواجهة و10 % من عمال مدن الوسط المحتلة، كما ألغى مصنعون إسرائيليون تعاقدات تصديرية مبرمجة مسبقا بسبب عدم قدرة المصانع على الوفاء بالتزاماتها خلال 10 أيام . وتؤكد رابطة المصنعين الإسرائيليين إن الخسائر المتكبدة في 3 أيام فقط الفترة بين 11 و13 مايو الجاري بلغت 166 مليون دولار ، كما شملت الأضرار الجسيمة مخزونات البضائع في الشركات والمتاجر ومبيعات التجزئة، ومراكز الترفيه والمناطق الزراعية “الكيبوتس ” وخصوصا الواقعة في منطقة غلاف غزة بسبب الحرائق الناجمة عن إطلاق الصواريخ.
واعترف رئيس هذه الرابطة بحجم الازمة بقوله: ” الصناعة الإسرائيلية استمرت في الإنتاج لكن تحت النيران وبإقبال منخفض من العمال”.
تقرير أخرى أقل تشاؤما ذهبت الى القول أن أحداث غزة كان لها “تداعيات اقتصادية محدودة” على الاقتصاد الإسرائيلي ، لكنها أشارت الى أن حالة عدم الاستقرار السياسي سلبية للتصنيف الائتماني لإسرائيل على المدى الطويل .
وهنا أشارت وكالة التصنيف الائتماني “موديز” أن لدى الاقتصاد الإسرائيلي مرونة في مواجهة التطورات الجيوسياسية، بالنظر الى الإضرابات الدائمة التي يعاني منها هذا الكيان والجولات المتتالية من الصراع في المنطقة .
ورجحت موديز تأثر قطاعات مثل السياحة والضيافة بشكل سلبي من تداعيات الحرب الأخيرة ، لكنها تمثل حصة صغيرة نسبيًا من الاقتصاد الإسرائيلي على حد تعبير وكالة التصنيف.
وترى وكالة التصنيف إن التوترات المتصاعدة مع الفلسطينيين تخاطر بإطالة أمد “الجمود السياسي طويل الأمد” ، وهو أمر “سلبي” بالنسبة للتصنيف الائتماني لإسرائيل.
وتوقعت أن يستمر عبء الدين الإسرائيلي في الارتفاع خلال السنوات المقبلة إلى حوالي 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024 (من 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019).. “انتهى الاقتباس”.

الخلاصة :

إيقاف العدوان على غزة والذي نجح في احداث دمار كبير بالبنية التحتية للقطاع كان مصلحة إسرائيلية بالدرجة الأولى وليس مصلحة فلسطينية أو عربية أو دولية ، وكان من شأن إطالة أمد العملية العسكرية أن يحدث أضرارا اقتصادية وخيمة أكبر على الاقتصاد الإسرائيلي لاختلاف طبيعة المواجهة عن سابقاتها هذه المرة .
المواجهات أظهرت تصدعا كبيرا في المنظومة الدفاعية لإسرائيل ، فلم تستطع القبة الحديدية التي كلفت 210 ملايين دولار اسقاط مئات الصواريخ القادمة من غزة، واضطرت الدولة العبرية لاطلاق مضادات اكبر لاعتراضها ، مما سيدفع الى تغيير هذه المنظومة او الاستعانة بمنظومة جديدة أكثر دقة ، الامر الذي سيزيد التكاليف الاقتصادية لانعدام الأمن الإسرائيلي على المدى القصير والمتوسط .
هناك تداعيات اقتصادية سلبية على الصادرات الإسرائيلية وخصوصا من انتاج المستوطنات مع تزايد الوعي العالمي بما تشكله هذه البؤر من توتر في الصراع القائم مع الفلسطينيين.
أخيرا، استمرار غياب الهدوء في المناطق الفلسطينية وخصوصا في الضفة الغربية يلحق آثارا سلبية على الاقتصاد الإسرائيلي في المدى المتوسط والطويل باعتبارها سوقا استهلاكية كبرى للمنتجات الإسرائيلية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى