اسواق الخليج

محمود مشارقة يكتب أسواق النفط سعرت القرار الأمريكي .. من الكاسب؟

محمود مشارقة
محمود مشارقة

اقتصادنا – السعودية
كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية محمود مشارقة عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك مقالا تحليليا حول ردة الفعل الفورية لأسواق النفط على افراج الولايات المتحدة عن 50 مليون برميل من مخزونها النفطي الاستراتيجي .
وجاء تحليل الخبير مشارقة على النحو التالي :

أول ردة فعل فورية للأسواق على ضخ 50 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي للنفط أن اسعار الخام تعافت من خسائرها وتحولت للصعود ، برنت يرتفع أكثر من دولار إلى 81.2 دولار للبرميل .
تفسير ذلك الصعود باختصار:
أولا: الأسواق قامت بتسعير القرار الأمريكي قبل اصداره رسميا . بمعنى ان ردة فعل الاسواق وانخفاض الاسعار جاءت منذ الدقيقة الاولى للتلويح الامريكي بالسحب من الاحتياطي قبل ايام ، حيث فقد الخام 8 دولارات من سعره في أقل من شهر.
ثانيا : الضغوط على الاسعار لن تكون طويلة الأمد ، وتحتاج لعمل متسق بين كبار المستوردين العالميين، ولا توجد دولة صناعية كبرى قادرة على الاستغناء عن الخام في صناعاتها حاليا في ظل أزمة الغاز التي ارتفعت اسعارها هذا العام 98% .
ثالثا : سيبدأ السحب الأمريكي من الاحتياطي في الوصول إلى السوق اعتبارا من منتصف إلى أواخر ديسمبر المقبل ، وهذا يعني ترحيل الأزمة الى العقود الاجلة للخام التي سرعان ما ستعاود الارتفاع بناء على حجم المعروض في الاسواق وستتأثر الأسعار بالعوامل الجيوسياسية المزمنة والطارئة.
رابعا: الإفراج عن 5 ملايين برميل سيحدث بالتوازي وبالتشاور مع مستهلكي الطاقة الرئيسيين مثل الصين واليابان وكوريا دون تحديد الإطار الزمني للإفراج ، وهذا يخضع لسياسات كل دولة التي لها مصالحها ومشاكلها ، لأن اي خلل سعري سيلحق الضرر بالمنتجين الذي لم تسمع الاسواق كلمتهم وردة فعلهم بعد ، فلدى “اوبك+ ” أوراقا رابحة سيتم بحثها في اجتماع 2 ديسمبر المقبل بين 29 دولة منتجة للنفط ، وقد تكون احدى ردات الفعل مزيد من تقييد المعروض.
خامسا : برأيي ضبط او كبح جماخ التضخم العالمي ليس بالتدخل في سوق النفط والتي ستعود للارتفاع لاحقا حتى لو هبطت على المدى القصير ، والحل في حوار عميق بين المستهلكين والمنتجين ، فلا أحد بين كبار اللاعبين في الطرفين يريد أسعار نفط عند او فوق 100 دولار للبرميل .. أمن الطاقة وايقاعه يتحدد في العواصم الفاعلة المنتجة وهي الرياض وموسكو ، لذلك اذا حدث انتعاش حقيقي للاقتصاد العالمي فسيتبعه طلب أكبر على النفط ، اما اغراق الاسواق بالنفط فهو ضار جدا بالمنتجين الامريكيين لانه اسعار منخفضة للخام تعني توقف هدير حفارات اللتنقيب والاستخراج مما يعني تضرر استثمارات المنتجين الامريكيين الذين يحتاجون لسعر تعادل منصف للاستمرار في نشاطهم.
الخلاصة: تأثيرات السحب نفسية مؤثتة على الاسواق ، لذلك لا يرجح انخفاضا قاسيا للاسعار على المدى الطويل ، فضخ 5 ملايين برميل من مستورد كالهند مثلا أقل بكثير من احداث تغيير في السوق ، لان منتج واحد قادر على اغلاق صنابير النفط ووقف ضخ كمية مماثلة في السوق .
القرار الامريكي للاستهلاك الداخلي وذا طابع سياسي في صراع الحزبين الجمهوري والديمقراطي بهدف اقناع المستهلكين بأن هناك طرفا خارجيا وراء ارتفاع اسعار السلع ، والحقيقة أن الخلل داخلي وفي سلاسل الامداد والدول الصناعية نفسها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى