إقتصاد

ما بعد كورونا.. موجة اندماجات واستحواذات تلوح في الأفق

آقتصادنا 29 ابريل 2020

توقع خبراء في أسواق المال أن تشهد الأسواق العربية موجة استحواذات واندماجات مستقبلية فور انحسار فيروس كورونا، والذي بدوره سيخلق فرصا واعدة أمام الكيانات ذات الملاءة المالية القوية القادرة على اقتناص الصفقات.

وتشهد الأسواق العربية والعالمية الفترة الراهنة ركودا في نشاط الاستحواذات والاندماجات وسط ضبابية المشهد الاقتصادي، نتيجة عدم قدرة الحكومات على تحديد سيناريو وموعد دقيق لتجاوز أزمة جائحة كورونا، ومن ثم تعجز الشركات عن وضع خطط مستقبلية بناء على معطيات دقيقة.

وبحسب الخبراء، فإن الفترة المقبلة ستسجل مزيدا من حالات التعثر المالي للعديد من الكيانات بسبب تراكم الالتزامات المالية واضطراب سلسلة الإمدادات عالميا، وفي المقابل تهوي الإيرادات، وهو ما يمهد الأسواق لنشاط قوي للاستحواذات والاندماجات عقب ظهور بصيص من الأمل لظهور علاج أو لقاح لفيروس كورونا.

والاستحواذ هو قيام كيان بالسيطرة ماليا وإداريا على نشاط شركة أخرى، عبر تملك حصة من رأس المال أو حقوق التصويت.

أما الاندماج فيقصد به توحد شركتين أو أكثر في شركة واحدة لتكوين كيان أكبر حجما، وذلك عبر نقل الذمة المالية الحقوق والالتزامات من شركة مندمجة إلى شركة قائمة أخرى، أو ذوبان شركتين أو أكثر تحت مظلة كيان جديد تماما.

الفرص بجميع القطاعات بلا استثناء

من جانبه، قال شريف سامي، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، إن التداعيات الناجمة عن كورونا تفرض مشهدا ضبابيا حتى الآن، ولا يوجد سيناريو واضح للتعامل معه مستقبلا. مما يضع الشركات في جميع أنحاء العالم ومنها أسواق الشرق الأوسط تحت وطأة ضغوط تشغيلية وتسويقية ومالية.

وأوضح أن هذا الوضع سيخلق فرص استحواذ بمختلف القطاعات وليس فقط الأكثر تأثرا بالأزمة مثل السياحة والطيران والمقاولات وبعض الصناعات، وأن هذه الفترة تعد جيدة لدراسة القطاعات التي ستنطوي على فرص.

وبحسب صحيفة “فاينانشيال تايمز” فإن قطاعات الرعاية الصحية والتكنولوجيا والترفيه والخدمات اللوجستية ستكون مرشحة للاستحواذات لكونها من أهم القطاعات التي ستقود الانتعاش العالمي.

وأضاف سامي أن هناك احتمالات بأن تكون هناك موجة اندماجات أيضا بين الشركات حتى تتمكن من تقليل نفقاتها، وتوفير سيولة أكبر لمواجهة التزامات التشغيل.

وبحسب مسح أجرته شركة EY العالمية للاستشارات المالية، فإن 56% من بين أكثر من 2900 مسؤول تنفيذي في أنحاء العالم يعتزمون تنفيذ صفقة استحواذ في الأشهر الاثني عشر المقبلة، مع الحاجة للنظر لما بعد الأزمة الحالية لضمان نمو على المدى الطويل.

ويرى الرئيس السابق للرقابة المالية، أن الأزمة الحالية ستؤثر على التقييمات المالية للشركات كافة، وهذه النقطة هي التي ستحدد فرص نجاح أي صفقة من عدمه، نظرا لأن الطرف البائع يدافع دائما عن قيمة شركته، على عكس الطرف المشتري الذي يتطلع للاستفادة من التقلبات والضغوط الناجمة عن الأزمات للاستحواذ على الشركات بأقل تكلفة ممكنة.

وأشار إلى أن الشركات ذات الملاءة المالية القوية والتي تحتفظ بسيولة ضخمة قبل الأزمة ستكون هي المؤهلة لاقتناص الفرص الواعدة.

صناديق الاستثمار المباشر الفائز الأكبر

كما لفت سامي إلى أن صناديق الملكية الخاصة أو المعروفة بالاستثمار المباشر التي ستتمكن من إدارة أصولها بكفاءة وسط الأزمة الراهنة والاحتفاظ بسيولة جيدة، ستكون هي الفائز الأكبر في سوق الاستحواذات، نظرا لتمتعها بخبرات كبيرة في هيكلة الصفقات وتوفير التمويل اللازم عبر المصادر الذاتية والاستدانة من المصارف أو إصدار أوراق دين.

ويقصد بصناديق الاستثمار المباشر بأنها شركات تقوم بتأسيس صندوق تجمع من خلاله رؤوس أموال كبار المستثمرين لاستثمارها في قطاعات مختلفة، وأصول متنوعة مثل الأسهم والسندات والعقارات والمعادن، باستخدام أساليب استثمارية متقدمة واستراتيجيات معقدة، كالمشاركة في رؤوس الأموال، والاستحواذ على حصص أقلية في شركات قائمة، أو الاستثمار في الشركات المتعثرة أو التي تواجه تحديات أو التي تمتلك فرص نمو واعدة.

الترقب يسود المستثمرين

من جانبها، قالت الدكتورة نرمين طاحون، الشريك المؤسس بمكتب طاحون للاستشارات القانونية والمتخصص في هيكلة الصفقة والتمويلات: في الوقت الحالي هناك ضعف واضح في سوق الاستحواذات والاندماجات بأسواق المنطقة، في ظل ارتباط هذا النشاط بوجود استقرار داخلي وخارجي ورغبة المؤسسات العالمية في ضخ استثمارات جديدة.

وبحسب بيانات شركة ريفينيتيف للبيانات المالية، فإن قيمة صفقات الاستحواذات والاندماج انخفضت بنسبة 33% وانخفض عددها بواقع 20% منذ بداية العام حتى منتصف أبريل/نيسان الجاري، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وبلغت قيمة الصفقات 762.6 مليار دولار، وهو أقل مستوى لها خلال هذه الفترة منذ عام 2013، إلا أن ريفينيتيف ألمحت إلى أنه بمجرد تعافي العالم من جائحة كورونا ستنشط الاندماجات والاستحواذات.

وأوضحت طاحون أن هناك حالة ترقب واضحة على المدى المتوسط بين المستثمرين لما ستسفر عنه تداعيات فيروس كورونا، وتحديد القطاعات التي ستمتلك فرص نمو قوية بعد الأزمة حتى تكون محل اهتمام.

تآكل الأرباح يمهد لعقد صفقات

ومن جهته، أشار الدكتور عادل منير، الأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي للتأمين وإعادة التأمين، إلى أن عائدات الشركات تضررت للغاية من جراء الأزمة الراهنة، فعلى سبيل المثال تآكلت أرباح شركات التأمين بشدة.

وتابع: انخفاض الإيرادات والأرباح أضعف من قدرة الشركات على تنفيذ خطط النمو أو زيادة رؤوس الأموال وتهديد بعض الشركات بتكبد خسائر، ما يفتح مجالا لإبرام صفقات اندماج أو استحواذ للحد من الخسائر أو الاستمرار في السوق تحت مظلة كيان آخر.

العين الاخبارية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى