التعافي الاقتصادي من كورونا رهن بمبتكرين عظماء جدد

اقتصادنا 6 يونيو 2020

لا فائدة من اللف والدوران. ستكون الأشهر المقبلة صعبة للغاية، بالنسبة إلى الاقتصاد والوظائف وثروات ملايين الأُسر في المملكة المتحدة.

وفي أرجاء البلاد، بدأ كثيرون من أصحاب الأعمال فعلياً تطبيق برامج صرف الموظفين، وشمل ذلك تسعة آلاف موظف في “رولس رويس”، وأربعة آلاف و500 في “إيزي جت”، و12 ألفاً في “الخطوط الجوية البريطانية”.

ويحصل ذلك قبل انقضاء العمل ببرنامج الإجازات المدفوعة، باعتبارها جزءاً من إجراءات عامة لوقف انتشار كورونا. وحتى الشركات التي لا تصرف موظفين، فرضت تجميدات أو تخفيضات شاملة للرواتب، وستكون الآثار الجانبية في الشركات الكبرى كلها ضخمة.

ومن السهل الشعور باليأس من الأمر كله. لكن ثمة طريقة أخرى للنظر إلى الأمر. بالنسبة إلى بعض الناس، يتلخص تأثير “كوفيد 19” في الطريقة التي نعيش ونعمل بها جميعاً، في كلمة واحدة هي فرصة، وتتعلق الفرصة بإنشاء أعمال خاصة وإدارة الأمور في شكل أفضل من الآن.

وفي شركات كثيرة في مختلف أرجاء المملكة المتحدة، يعمل أشخاص كثيرون ممن تعرضوا إلى الفصل من العمل أو يعانون الملل في ظل الإجازات، على استغلال هذه اللحظة للعمل على أفكار جديدة في مجال الأعمال كانت تراودهم سنوات. وتشكّل اللحظة الحاضرة وقتاً مناسباً لتطوير أفكارهم الخاصة واختبارها.

وقد يغدو بعضهم رواد أعمال للمرّة الأولى، وسيأتي آخرون من صفوف الذين بدأوا فعليّاً في العمل ضمن شركات ناشئة دمّرها فيروس كورونا، ما يعني أن ثرواتهم التي حلموا بها من أسهمهم في أعمالهم الفتية المشوقة، أصبحت لا تساوي شيئاً.

وبغض النظر عن ظروفهم، يخبرنا التاريخ أن بعضاً من أسرع الأعمال نمواً وأكثرها نجاحاً وُلِدت في أوقات عصيبة كوقتنا. ويصح الأمر على “أوبر” و”إير بي إن بي” اللتين وُلِدتا خلال الأزمة المالية. ويشمل كذلك شركة “ديزني” التي فكّر فيها والت ديزني وسيلة لإبهاج الأطفال الأميركيين خلال الكساد الكبير في 1929، و”جنرال إلكتريك” التي تأسّست ضمن شركات توماس إديسون لتكنولوجيا المصابيح الكهربائية خلال ركود اقتصادي في 1889.

وتذكراً، للشركات الناشئة زمانها. والمرّة تلو الأخرى، أثبتت تلك الشركات عبر الأجيال أنها الأسرع في تحديد الحاجات غير الملباة لدى العملاء، وكذلك الحال بالنسبة إلى التمكّن من تلبيتها.

ولا يقتصر الأمر على تلك الأمور. إذ يترصد رواد الأعمال الفرصة، ويميلون إلى العمل بجد حتى تتحقق أحلامهم.

وبفضل ذلك، تنمو أعمالهم في شكل أسرع، وكذلك يوظّفون الناس في شكل أسرع، ويكونون أكثر إنتاجية بالمقارنة مع الشركات الكبرى التي ينتهي بهم المطاف إلى تدميرها.

والآن، يصعب على الشركات الناشئة الحصول على التمويل الذي تحتاج إليه، إذ قلص مستثمرون تقليديون كثيرون كمية المال المستعدين للمخاطرة بها، مع انهيار قيمة استثماراتهم خلال الأزمة.

وهذا النهج غير عقلاني، بمعنى ما. ففي أوقات كهذه، حين تكون تكاليف العمالة والإيجار والطاقة والتسويق رخيصة، يمكن للشركات الأصغر أن تنمو في شكل أسرع.

وفي الأوقات الصعبة أيضاً يلاحظ روّاد الأعمال الاحتياجات الجديدة لدى العملاء المحتملين. هل كانت “إير بي إن بي” لتزدهر لو لم تكن الأموال المتوفرة للناس أقل من أن تسمح لهم بالنزول في الفنادق في ذلك الوقت؟

وإنصافاً، تفهم الحكومة هذا الأمر. إذ فعل وزير المالية ريتشي سوناك بأكثر مما حلم به الجميع لإتاحة المساعدة المالية للأعمال الصغيرة. وعلى الرغم من عدم انتظام التنفيذ، أصاب حدسه القائل بوجوب إنقاذ الأعمال الصغيرة، كي لا يُصار إلى القضاء على الجيل التالي من صانعي الثروات ودافعي الضرائب.

وإلى جانب برنامج “قروض إعادة الانتعاش” المخصص للشركات الصغيرة، أنشأ الوزير “صندوق المستقبل” للشركات التي لا تزال في مراحلها الأولى. وسيكون هذا الصندوق إحدى مبادراته الأنجح. لكنها مبادرة تتجنّب المخاطر في جوهرها. إذ لا تدعم سوى الشركات التي جمعت بالفعل ما لا يقل عن 250 ألف جنيه إسترليني (313,5 ألف دولار) من مستثمرين من القطاع الخاص.

ويشكّل ذلك الرقم مبلغاً ضخماً بالنسبة إلى معظم الشركات الناشئة أخيراً، وكذلك لن يساعد آلاف الشركات التي لم تُختبَر ولم تُجرَّب بعد، ويأتي مثل على ذلك في فريق المبرمجين الذي كان على وشك الانتهاء من صنع تطبيق رقمي عبقري في مجال التكنولوجيا المالية، حين أدى الإغلاق بسبب “كوفيد 19″، إلى خسارة 30 في المئة من محفظة الأسهم الخاصة بمستثمريه. وكذلك الحال بالنسبة إلى علماء كانوا يجربون النموذج الأولي للتكنولوجيا الغذائية التجريبية الخاصة بهم، حين انهار قطاع الفنادق والمطاعم.

بالنسبة إلى الناس الذين كانوا يتوقعون جمع أموال في الشهر الأول من الإغلاق، هوت أعداد صفقات التمويل بـ39 في المئة بالمقارنة مع ما كانته قبل سنة. وفي شأن من حصلوا بالفعل على المال، لم يمتلك سوى جزء بسيط جداً منهم شركات ناشئة، ولم يجمع مالاً كثيراً قبل ذلك.

ولهذه الأسباب رغبت الـ”إيفنينغ ستاندرد”، المطبوعة الشقيقة لـ”اندبندنت”، في العثور على الشركات الناشئة الواعدة أكثر من غيرها، بهدف مساعدتها في الحصول على تمويل. وإذ نعرف بأننا صحافيون، ولسنا بممولين، فإننا نعمل مع الفريق المجرب والمختبر في مجموعة رأس المال الاستثماري “تريبل بوينت” للعثور على الشركات الناشئة الأفضل في عاصمة المملكة المتحدة وتمويلها.

وستمول المجموعة أفضل الأفكار بما يتراوح بين 100 ألف و150 ألف جنيه إسترليني لوضعها قيد التنفيذ، وتتوقع أن تحصل على إجابة بالموافقة أو الرفض خلال عشرة أيام عمل. ولا نعلم عدد الحالمين بشركات ناشئة الذين سيتقدّمون بطلبات إلى “صندوق إطلاق الأعمال” الخاص بنا، ولا عدد الذين سيمتلكون من بينهم أفكاراً مستدامة ستعتبرها “تريبل بوينت” قابلة للتمويل.

في المقابل، نحن واثقون بأننا سنساعد البعض على بدء الرحلة نحو النمو والازدهار والتحول إلى مبتكرين كبار وأصحاب عمل في عالم ما بعد “كوفيد 19”.

وكالات

Exit mobile version