أخبار عالمية

لن تستطيع ألمانيا أن تتسلح بين ليلة وضحاها رغم رفع الإنفاق

اقتصادنا – ألمانيا
كان جيش ألمانيا قبل ثلاثة عقود يباهي بعديده الذي بلغ نصف مليون جندي وأكثر من 2000 دبابة قتالية وزهاء 1000 طائرة مقاتلة. كانت هذاً جديراً ليؤدي الجيش واجبه الدفاعية، لو استحالت الحرب الباردة فجأة لساخنة.

لكن بدأت ألمانيا عند سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار الستار الحديدي تخفف إنفاقها العسكري وألغت التجنيد الإلزامي وخفضت عتادها وأعادت هيكلة قواتها بما يتوافق مع نوع جديد من المهام، وهو التدخل السريع في الخارج عبر قوات خاصة ذكية. بدا أن التجارة والدبلوماسية والمساعدات الاقتصادية في النظام العالمي الجديد قادرة على تدعيم الأمن، فيما أن الدبابات والطائرات المقاتلة والفرقاطات مكلفة وعفا عليها الزمن.

صدم اجتياح روسي لأوكرانيا في 24 فبراير ألمانيا بواقع قاسٍ، حيث أدركت أنه لا بدّ من مراجعة جذرية لتخليها عن السلاح طيلة السنوات الفائتة، سواء بقصد أو نتيجة إهمال، حيث تفصل حدودها الشرقية دولة واحدة عن أوكرانيا ونصف اسطول دباباتها المؤلف من 289 دبابة من نوع “ليوبارد 2” خارج الخدمة.

أشارت بعض التقديرات أن الجيش الألماني لديه ذخيرة تكفي ثلاثة أيام فقط من القتال.

قال الجنرال ألفونس مايس في مقال شديد اللهجة على “لينكد إن” بعد الغزو الروسي أن “الجيش الذي لي شرف قيادته شبه أعزل… أنا مستاء جداً.”

إنقلاب دفاعي
عقد المستشار الألماني أولاف شولتز اجتماعات طارئة في برلين مع مساعديه المقربين بعد يومين من بدء الرئيس فلاديمير بوتين الغزو أدت إلى أكبر انقلاب من نوعه في السياسة الأمنية والدفاعية الألمانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. تقرر فيها أن تعيد البلاد تسليح جيشها، الذي يعاني نقصاً في عديده وعتاده، عبر ضخ 100 مليار يورو (110 مليار دولار)، وإنفاق 2% على الأقل من الناتج الإجمالي المحلي على الدفاع خلال السنوات المقبلة، وهو هدف لحلف شمال الأطلسي كان السياسيون الألمان قد أعطوا تطمينات ملتبسة حياله في السابق أو حتى استهزؤوا به.

تخطط البلاد لاستبدال طائراتها “تورنيدو” القديمة التي يبلغ عمرعا 30 عاماً على الأقل، عبر طلب أكثر من ث30 طائرة “أف -35” من شركة “لوكهيد مارتن”، إضافة إلى 15 طائرة “يوروفايتر” إضافية. رغم أن هذه الخطوة جاءت سريعة بشكل استثنائي في دولة تشتهر بالبيروقراطية، لكن حتى مع إنفاق 100 مليار يورو، فإن إعادة بناء جيش ألماني قوي يمكن الاعتماد عليه في الردع سيستغرق سنوات.

تأتي ألمانيا حالياً بعد مصر وإندونيسيا على صعيد القوة العسكرية، حسب مؤشر “غلوبال فاير باور” (Global Firepower)، ما يؤكد مدى تراجع مواردها العسكرية

حتى الإصلاحات السريعة لن تنجز بالسرعة الكافية. فتسليم قذائف الدبابات يستغرق نحو سبعة أشهر من تاريخ طلبها، وإتمام عمليات الشراء الأكثر تعقيداً للعتاد، مثل ناقلات الجند المدرعة قد يستغرق ما يصل إلى عشر سنوات، حسب شركة “رينميتال” (Rheinmetall)، أكبر شركة دفاعية ألمانية

حالة مزرية
قائمة أمنيات ألمانية طويلة ومتنوعة، من استثمارات بسيطة نسبياً مثل الكمبيوترات المحمولة إلى الإنفاقات الضخمة التي تتضمن الغواصات والحوامات. يمتد هذا التقصير إلى الحاجات الأساسية أيضاً. مثلاً بعض الثكنات في قاعدة عسكرية قرب لوكسمبورغ لا تضمّ سوى مرحاضين لتسعين جندياً، فيما يفتقر مطار في شمال ألمانيا للمياه الساخنة للاستحمام، حسب التقرير الدفاعي السنوي في ألمانيا. قالت مفوضة مجلس النواب لشؤون القوات المسلحة إيفا هويغل أن أوضاع عديد من المنشآت “بائسة”.

قالت مارينا هينكي، مديرة مركز الأمن الدولي التابع لمدرسة هيرتي في برلين إن “النقص المتراكم في الاستثمارات هائل

يتوقع أن تستفيد شركات الأسلحة الألمانية المتخصصة بشكل أساسي بالمعدات البرية، مثل الدبابات وناقلات الجند المدرعة من هذا التحول في الإنفاق. انطلاقاً من تقسيم الأعمال والقدرات الحالية ضمن حلف شمال الأطلسي، فإن ألمانيا في وضع أفضل لتساعد من خلال الدبابات وقوات المشاة والإمداد، بينما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة في وضع أفضل لتوفير الدعم الجوي والبحري.

تتوقع “”رينميتال” تحقيق إيرادات تبلغ 42 مليار يورو خلال العقد المقبل، فيما ترمي “كي أن دي سي” (KNDS)، الشركة الفرنسية – الألمانية التي تصنع دبابات “ليوبارد 2” لتحقيق ما يصل إلى 20 مليار يورو. يتابع المستثمرون هذه التطورات، حيث ارتفعت قيمة أسهم “رينميتال” بأكثر من ضعفين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى