الشرق الأوسط

محمود مشارقة يكتب إسرائيل خسرت المعركة

اقتصادنا – دبي

كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية مقالا نشره عبر صفحته الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك جاء قال فيها.

المتابع للأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية التي اشتعلت شرارتها في الشيخ جراح ثم امتدت إلى المسجد الأقصى وبعدها غزة، يتوصل الى نتيجة مفادها أن عنجهية إسرائيل وفرضها سياسة الأمر الواقع لم تعد تجد نفعا.
رهانات نتنياهو واليمين المتشدد ورائه والذي يشكل غالبية المجتمع الإسرائيلي كانت خاسرة لأنهم استفاقوا على دفاع فلسطيني مستميت عن حرمة الأقصى ومقاومة شعبية صلبة أمام تغيير الطابع الديمغرافي المختل أصلا في القدس، وتفاجئوا أيضا بوابل من الصواريخ الآتية من غزة.
أدوات الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي تغيرت بشكل جوهري لأول مرة منذ عام 1948، وممارسات التطهير العرقي وطمس الهوية والتوسع في الاستيطان والاستيلاء على الأرض في ظل مناخ إقليمي موات لم تعد سياسة تنطلي على المجتمع الدولي وكذلك الفلسطينيين أنفسهم الذين ليس لديهم ما يخسروه أكثر ، فكان الصدام حتميا ووجوديا للطرفين.
السؤال لماذا خسرت إسرائيل بكل جبروتها العسكري المعركة قبل بدايتها؟
هناك مؤشرات وحقائق على الأرض تظهر فشل سياسات الدولة العبرية وخصوصا رئيس حكومتها الذي حاول الهرب الى الامام لدواع انتخابية ساعيا لتوجيه استراتيجية الصراع الى نجاحات على الأرض بطمس الهوية العربية في القدس والسيطرة على مقدساتها الاسلامية والمسيحية. وليس صدفة أن تكون مسيرة الأعلام جزء من خلق وعي جديد بأن التهويد جار على قدم وساق.
باختصار أعادت الاحداث ، القضية الفلسطينية الى الواجهة وحولت بوصلة الرأي العام العالمي الى فلسطين بعد ان عمدت إسرائيل لسنوات الى محوها أو تجاهلها لتبدو قضية هامشية.
الصواريخ الفلسطينية أيا كان مصدرها ومن مول اطلاقها وتطور مسافاتها كشفت تعرض أمن إسرائيل الاستراتيجي من الداخل للخطر، وسماع صافرات الإنذار سيضل مدويا في الذاكرة الجديدة للإسرائيليين لسنوات وستستمر ارهاصاتها المزعجة طويلا حتى لو انتهت الأزمة وحاول ساستها محوها، لهذا لا غرابة في مسارعة ليبرمان الفاشي وبعده زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، أقوى خصوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى الاعتراف بأن إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا نتيجة الاحداث الدائرة على جبهات متعددة.

فلسطينيو الداخل في مدن الخط الأخضر انضموا الى حلبة الصراع، فزادت المعادلة الإسرائيلية الداخلية تعقيدا وضبابية، ووضعت السلم الداخلي على المحك، والصواريخ التي قصفت مشروع الغاز ومطار بن غوريون، أظهرت هشاشة إسرائيل اقتصاديا وأمنيا ، فقد قطعت حلقة الوصل جوا مع العالم ، وبات 70% من مواطنيها ينامون في الملاجئ خوفا من رشقات الصواريخ الاتية من غزة .
إطلاق قطعان المستوطنين الى الشيخ جراح بمباركة الحكومة اليمينية المتطرفة حقق نتائج عكسية على إسرائيل، واستباحة الأقصى في آخر أيام رمضان فرض صحوة دينية لدى المسلمين وحتى المسيحيين من المحيط الى الخليج ، كما أجج بعفوية مطلقة تظاهرات عارمة شملت المدن والقرى الفلسطينية كافة، لأن الامر يتعلق اليوم بتدنيس مقدسات دينية وبالمساس بكرامتهم الإنسانية.
حتى المجتمع الدولي المنهك من تداعيات جائحة كورونا أصبح يرى بشكل واضح أهداف إسرائيل غير القانونية والبربرية على الارض، لذا خسرت الأخيرة الرأي العام الداخلي والعالمي في وقت واحد، لكنها حافظت على تأييد أعمى من زعامات الدول الكبرى التي لم تعرف كيف تتصرف في مواجهة المشكلة المفاجئة، فسارعت تارة الى المطالبة بوقف إطلاق صواريخ حماس ووقف التصعيد ، وأكدت تارة أخرى حق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها، وفي هذا ذر رماد في العيون ليس أكثر.
أخيرا ضربات إسرائيل الصاروخية والتدميرية على الأرض خلقت وعيا فلسطينيا وشعبيا دوليا بأن ما يحدث نواة لحرب إبادة خطيرة في حال استمرارها، ستكون تداعياتها وخيمة على المنطقة والعالم أجمع ، اذ لا يعقل أن تهدم أبراج سكنية لمواطنين عزل بدم بارد وكأنها أبراج من ورق على مرأى العالم ، الذي صرخ لسنوات من إرهاب 11 سبتمبر 2001 ، ليجد السيناريو يتكرر في غزة ولكن هذه المرة على يد جيش إسرائيلي منظم يشكل إرهاب دولة .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى