الشرق الأوسط

مشارقة يكتب : بايدن وافتعال أزمة الطاقة .. عواقب استخدام المخزون الاستراتيجي

اقتصادنا – دبي
كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية مقالا نشره عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي فيس بوك تحت عنوان

بايدن وافتعال أزمة الطاقة .. عواقب استخدام المخزون الاستراتيجي !
وجاء في المقال
تلويح الرئيس الأمريكي جو بايدن باللجوء إلى احتياطات النفط الاستراتيجية لخفض أسعار الخام فكرة انفعالية قد يكون لها عواقب اقتصادية سلبية بعيدة المدى.
السؤال المطروح في الأروقة الاقتصادية هل يحاول بايدن فعلا تصدير الأزمة وإيجاد شماعة لتعليق التضخم والارتفاع القياسي لأسعار المستهلكين عليها والتي بلغت أعلى مستوى منذ 30 عاما ؟
قفزة أسعار النفط للمتعمقين في أسواق الطاقة يعود إلى عدة عوامل أبرزها الطلب العالمي المتزايد مع تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات كورونا فضلا عن مشكلات الغاز وتوليد الكهرباء في دول الاستهلاك الأوروبية والآسيوية ما أدى الى التحول نحو النفط كمصدر آمن وأقل تكلفة للطاقة، ويبدو أن رفض منتجي النفط اغراق الأسواق بكميات إضافية من الخام الرخيص لم يطرب واشنطن التي لا تملك في الأصل عصا سحرية لإرغام منتجيها لزيادة الإنتاج، خصوصا أن النفط الصخري الأمريكي يقوم على شركات خاصة ضمن الاقتصاد الرأسمالي ، حيث تعاني شركات التنقيب والحفر من أزمات مالية هيكلية وتحتاج إلى إرضاء المساهمين المتعطشين للأرباح.
وبحسب محركات البحث تم إنشاء احتياطات النفط الاستراتيجية الأميركية في 1975 للتصدي لصدمات النفط. ويمكن أن تبلغ هذه الاحتياطات المدفونة في كهوف ملح ضخمة يصل عمقها إلى 800 متر على طول ساحل خليج المكسيك، 714 مليون برميل. ويبلغ مستوى المخزونات 609 ملايين برميل وفقا لوزارة الطاقة الأميركية، وهو ما يعادل ستة أشهر من استهلاك النفط الخام في الولايات المتحدة. وهناك نحو ستين خزانا مطمورة في طبقة ملح موزعة على أربعة مواقع تخضع لمراقبة شديدة، في لويزيانا وتكساس. وهي تحوي هذه الاحتياطات التي تمثل أكبر عائد طارئ من النفط الخام في العالم.ويمنح القانون الرئيس الأميركي الحق في سحب ما يصل إلى ثلاثين مليون برميل خلال 60 يوما أو أكثر في حال حصول انقطاعات خطيرة في إمدادات الطاقة. وفي 1991، أمر الرئيس جورج بوش الأب بسحب قرابة 17 مليون برميل خلال حرب الخليج الأولى. وفي 2005، أمر جورج دبليو بوش الابن بسحب 11 مليون برميل من هذه الاحتياطات بعد إعصار كاترينا الذي دمر لويزيانا ومنشآتها النفطية. وفي 2011، أمر باراك أوباما بسحب 30 مليون برميل للتعويض عن انقطاع تسليم النفط من ليبيا.
الإشكالية هنا أن أمريكا لا تعيش حالة حرب لتلوح باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي من النفط ، فأزمة التضخم القياسي سببها ليس ارتفاع أسعار الطاقة وحدها وإنما نتيجة تداعيات أزمة كورونا التي أوجدت مشكلات في سلاسل الامداد والتوريد العالمية ، وأدت الى خلل في أسواق الشحن وزادت تكاليف الإنتاج في دول التصنيع الرئيسة .
من هنا يبدو استخدام سلاح النفط أو الطاقة فكرة عاث عليها الزمن، وتحتاج نجاح فكرة من نوع استخدام الاحتياطيات تحركا جماعيا من دول الاستهلاك حتى تتغير الأسعار . كما أن التدخل في السوق وعدم الاحتكام الى قواعد العرض والطلب يتنافى مع مبادئ الاقتصاد الحر الذي انتهجته الولايات المتحدة لعقود .
المفارقة أن أمريكا التي تعتبر رأس حربة في الجهود العالمية لمواجهة تغير المناخ وخفض الانبعاثات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري هي من أكثر الدول المولدة للانبعاثات، وهي ذاتها التي تلوح باستخدام احتياطات النفط الخام ، وهنا سياسة متناقضة بين زيادة استهلاك النفط وتخفيض أسعاره وكذلك الدعوة الى تقليل الاستهلاك والتحول نحو الطاقة المتجددة وهنا تبدو استراتيجية الطاقة الامريكية أسيرة سياسة حزبين متناقضين في اتجاهاتهما الاقتصادية والسياسية مع وجود شركات تشكل أدوات ضغط على الحزبين الجمهوري والديمقراطي في موضوعات البيئة والطاقة والتجارة الدولية.
في المحصلة ، هل يهرب بايدن الى الأمام بعد انخفاض شعبيته بافتعال أزمات عالمية ضمن معركة انتخابية مبكرة قد تغير قواعد اللعبة في الولايات المتحدة ؟ وهل ينقلب السحر على الساحر في بيئة عالمية متغيرة ووجود قوى سياسية واقتصادية صاعدة ؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى