أخر الأخباراتصالات و تكنولوجيا

لماذا تحولت الرقائق الإلكترونية إلى نفط المستقبل؟

اقتصادنا – وكالات

“نحن من اخترعها وسنستردها” بهذه العبارة قام الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال زيارته مصنعا لأشباه الموصلات في كارولينا الشمالية، برسم معالم الأحداث المرحلة المقبلة، التي ستشهدها صناعة الرقائق الالكترونية العالمية. فما قاله الرئيس الأميركي منذ أيام قليلة، ليس مجرد تفصيل صغير، بل هو يدل على النظرة الأميركية لمسار الأمور في هذه الصناعة خلال السنوات المقبلة.

من اخترع الرقائق؟

قال الرئيس الأميركي جو بايدن إن الولايات المتحدة هي من اخترعت الرقائق الإلكترونية، بفضل برنامجها للفضاء، معتبراً أن أميركا وعلى مدى 30 عاماً، كانت تصنّع 40 في المئة من إجمالي إنتاج الرقائق العالمي، ومن ثم حدث شيء ما وانتقلت هذه الصناعة إلى خارج الحدود وكنتيجة لذلك، باتت أميركا تصنع اليوم نحو 10 بالمئة فقط من الإنتاج العالمي للرقائق الإلكترونية، وذلك على الرغم من ريادتها البحث والتصميم، في تكنولوجيا الرقائق الجديدة.

استرداد الصدارة في صناعة الرقائق

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن إدارته تعمل على استرداد أميركا الصدارة في هذه الصناعة، وهو ما يفسر جميع الخطوات التي تتخذها واشنطن، في سبيل دعم انتقال مصانع الرقائق العالمية إلى أراضيها، إضافة إلى الإجراءات العقابية ضد الصين، والتي تهدف منها منعها من التفوق في هذا المجال.

ما هي هذه السلعة الاستراتيجية؟

الرقائق الإلكترونية هي عبارة عن قطعة معدنية مصنوعة من السيليكون، وتحتوي على طبقات متعددة مدمجة بحرفية، وتضم مجموعة مترابطة من الترانزيستورات، تمكنها من إنتاج الإشارات الإلكترونية اللازمة، لتشغيل وإيقاف الأجهزة الإلكترونية المختلفة وفق البرمجة المحددة لها، ومن دون هذه الشريحة لا قيمة لأي منتج ذكي في العالم، وهذا تحديداً ما حولها إلى سلعة استراتيجية في زمن تتحول فيه جميع أجهزة العالم إلى الرقمنة.

ويمكن للرقائق الإلكترونية أن تأتي بأحجام متعددة، وتتطلب عملية تصنيعها المعقدة، استخدام تقنيات متطورة، فهي بحاجة لمراقبة دقيقة، لناحية درجة الحرارة والضغط، وتركيز المواد والنظافة.

لا شيء يعمل دون الرقائق

وفي ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، باتت الرقائق الالكترونية العصب الحيوي لصناعات متعددة، فمن دونها لا شيء يعمل، بدءاً بالأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة والسيارات والطائرات وشبكات الاتصالات، مروراً بمراكز البيانات والحواسيب وأجهزة الانتاج في المعامل والأجهزة الطبية الحديثة، وصولاً إلى أنظمة التسلح والطائرات والصواريخ الحربية بما في ذلك الأسلحة النووية.

وبالتالي فإن أي دولة تتطلع إلى لعب دور حاسم في المستقبل الرقمي للعالم، عليها أن تسيطر على جزء كبير من صناعة الرقائق العالمية، التي باتت صناعة حاسمة في كل جوانب الوجود البشري.

كيف خسرت أميركا مركزها؟

لطالما اعتبرت الولايات المتحدة في السابق من رواد صناعة الرقائق الالكترونية في العالم، فهي فعلاً وكما أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، كانت تسيطر على نحو 40 في المئة من هذه الصناعة في عام 1990، إلا أن حصتها في السوق تآكلت، لتصبح اليوم قرابة 10 في المئة، وهذا التراجع سببه انتقال إنتاج معامل الإنتاج من الأراضي الأميركية إلى الخارج، وتحديداً إلى دول شرق آسيا، وذلك بفعل انخفاض تكاليف الإنتاج والتشغيل هناك.

وفي ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، أدركت أميركا متأخرة أهمية هذه الصناعة الاستراتيجية وهول الخطأ الذي ارتكبته، فرغم أن صناعة الرقائق الالكترونية لا تزال تحت السيطرة التامة لحلفائها، أي تايوان وكوريا الجنوبية، إلا أن واشنطن تريد إعادة هذه الصناعة إلى أراضيها، وإبعادها قدر الإمكان عن مناطق النفوذ الصينية.

من يسيطر على الصناعة حالياً؟

ويبلغ حجم سوق الرقائق الإلكترونية حول العالم، نحو 430 مليار دولار، وأبرز اللاعبين في هذه السوق، هي تايوان، كوريا الجنوبية، الصين، الولايات المتحدة الأميركية واليابان.

وفي الوقت الحالي، تنتج تايوان نحو 60 في المئة من سوق الرقائق في العالم، وهي تقوم ببيع 90 في المئة من هذا الانتاج إلى الولايات المتحدة، في حين تستهلك الصين الجزء الأكبر المتبقي من الإنتاج العالمي للرقائق الالكترونية، فهي تعمد لشراء ما أتيح لها من رقائق خصوصاً بعد التصدي الأميركي لها في هذا المجال.

لا قيمة لأي صاروخ أميركي دونها!

ويعتبر المحلل في شؤون التكنولوجيا هشام الناطور، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أنه في حال دققنا جيداً بالأرقام، لفهمنا سبب سعي الولايات المتحدة لنقل إنتاج صناعة الرقائق الإلكترونية إلى أراضيها، حيث أن 90 في المئة من حاجة أميركا لهذه الرقائق، يأتي من دولة تايوان التي لا تعترف الصين بوجودها، وتعتبرها أراض تابعة لها، وبالتالي فإن أي خطوة صينية للسيطرة على تايوان، يعني تعطل قدرة الولايات المتحدة في الحصول على القطعة المعدنية، التي من دونها لا قيمة لأي دبابة أو صاروخ أو معمل أو سيارة أو طائرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى