الشرق الأوسط

الخبير في الشأن الروسي محمود مشارقة يكتب فعلها بوتين

محمود مشارقة
محمود مشارقة

اقتصادنا – دبي
كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية والخبير في الشأن الروسي محمود مشارقة عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك مقالا تحت عنوان فعلها بوتن وجاء مقاله على النحو التالي….

يتسارع الصراع الغربي- الروسي على الساحة الأوكرانية باعتراف فلاديمير بوتين باستقلال دونيتسك ولوغانسك كدولتين جديدتين في خريطة الجغرافية العالمية .
التوقعات الأمريكية لم تصدق، فالحديث كان عن غزو روسي شامل لأوكرانيا ، لكن موسكو اتبعت سيناريو مختلف ويحمل أبعادا سياسية واقتصادية تستحق القراءة والتوقف عندها.
بداية تقع كل من دونيتسك ولوغانسك في حوض دونباس الناطق بالروسية في شرق أوكرانيا، وأصبحت هاتين الجمهوريتين خارجتين عن سيطرة كييف منذ 2014.
وبحسب تقرير لـ”الفرنسية”،تعتبر دونيتسك (ستالينو سابقاً ) المدينة الرئيسية في حوض التعدين دونباس وأحد المراكز الرئيسية لإنتاج الصلب في أوكرانيا. ويبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. أما لوغانسك (فوروشيلوفغراد سابقا) فهي مدينة صناعية يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة.
ويحتوي حوض دونباس المتاخم لروسيا على الشاطئ الشمالي للبحر الأسود، على احتياطات ضخمة من الفحم. ويعود وجود ناطقين بالروسية في تلك المنطقة بشكل أساسي إلى إرسال عمال روس إليها بعد الحرب العالمية الثانية خلال الحقبة السوفيتية.
الصراع على هاتين الجمهوريتين الانفصاليتين بدأ منذ 2014 بعد ضمّ روسيا شبه جزيرة القرم إليها. وتقع منطقة دونباس في قلب معركة ثقافية بين كييف وموسكو التي تؤكد أن هذه المنطقة، على غرار جزء كبير من شرق أوكرانيا، يسكنها ناطقون بالروسية تنبغي حمايتهم من القومية الأوكرانية.
السؤال لماذا قامت روسيا بهذه الخطوة المفاجئة للغرب وأهملت جهود الوساطة لأحياء اتفاقات مينسك؟ .. باعتقادي قرأت موسكو المشهد الغربي بعناية .. أمريكا اليوم لم تعد مثل أمريكا الأمس، والاتحاد الأوروبي منكشف اقتصاديا و أمن الطاقة فيه يعتمد على روسيا ، وأي عقوبات ستتخذ بحق الروس سيكتوي بنارها “الشركاء” الغربيين كما يحلو لبوتين وصفهم .
أوكرانيا المتمزقة في موقع حرج جدا، فقد وضعت كل بيضاتها في سلة الغرب ، الذي يقف متفرجا بانتظار الخطوة الروسية التالية .. جوائز الترضية بالضم الى حلف الناتو أدت الى تردي الوضع القائم ، والمشكلة زادت تعقيدا بفعل عدم جدية كييف وموسكو في تطبيق اتفاقات مينسك المبرمة عام 2015، والتي تضمن لدونيتسك ولوغانسك السلام وحماية المدنيين الروس .و الجانب السياسي لاتفاقات مينسك الذي يمنح مناطق المتمردين حكما ذاتيا واسع النطاق و إجراء انتخابات محلية وفقا للقوانين الأوكرانية، ظل طوال ثماني سنوات حبرا على ورق حتى توصلت القيادة الروسية بالاجماع الى قرار دعم استقلال الجمهوريتين الانفصاليتين تمهيدا للضم الى الاتحاد الروسي في استفتاء لاحق .
لقد فعلها القيصر بوتين بفرض سياسة الأمر الواقع على العالم، ويبدو أن حلم أوراسيا راسخ في ذاكرة رجل الكي جي بي السابق ، الذي ربما يعيد رسم أمن أوروبا وآسيا بلغة روسية ودعم صيني في عالم تتشكل فيها أقطاب اقتصادية وسياسية جديدة بصورة متسارعة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى