أخر الأخبارالشرق الأوسط

من قاع إلى آخر.. كيف تتجلى الانعكاسات الخطيرة لتدهور الليرة على اللبنانيين؟

اقتصادنا – لبنان

في أحد فروع المتاجر الغذائية الكبيرة في لبنان، تقف الموظفة لين رافعة رأسها إلى شاشة تسجل تحديثات سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وقد بلغ لحظتها 132 ألف ليرة للدولار، تقول “أشعر بالإهانة أن استمر بالعمل كأنني مستعبدة، وقيمة راتبي حاليا أقل من 40 دولارا”.

ترتجف شفتاها، فتشير بسبابتها إلى عربة ممتلئة عند صندوق الدفع “راتبي طوال الشهر بدوام 10 ساعات أقل من فاتورة زبون يشتري أغراضه بدقائق”.

هذه السيدة واحدة من آلاف العمال اللبنانيين داخل متاجر غذائية تسعّر بضاعتها بالدولار استنادا إلى قرار وزارة الاقتصاد، بينما تسدد رواتب عمالها بالليرة وبقيمة متدنية جدا، ليعزز ذلك شعور معظمهم بالخضوع مرغمين للاستغلال الإنساني والاقتصادي في مؤسسات تجني أرباحا طائلة.

وما يفاقم أزمة لين أنها امرأة مطلقة تعيل وحدها طفليها الصغيرين وأمها المريضة، وتشكو من صاحب المتجر الذي لا يتيح للعمال الاستفادة من أي عروض أو حسومات، وتقول “لو يدرك الزبائن حجم التلاعب الخفي بعمليات التسعير يوميا، ونحن نشهد عليها، لأضرب معظمهم عن الشراء”.

أحداث متسارعة
شهدت الأيام الماضية معدلا خطيرا لتدهور الليرة، فارتفع بنحو 30% في أقل من 48 ساعة بين الاثنين والثلاثاء الماضيين، إبان تراجع سعر صرف الدولار من 110 آلاف ليرة إلى نحو 145 ألفا.

ثم اكتسبت الليرة نحو 25% من هذا الهبوط، حيث استقر سعر صرف الدولار عند نحو 108 آلاف ليرة، وذلك على إثر قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بيع الدولار ورفع دولار منصة صيرفة من 83 ألفا و500 إلى 90 ألفا.

وضمن هذا الصعود والهبوط بهامش 40 ألفا في ساعات قليلة، برر حاكم المركزي تدخله “بالحدّ من ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية والمحافظة على قيمة الودائع بالدولار المحلي”.

لكن مفعول تدخل المركزي المعهود مع كل قفزة كبيرة لسعر صرف الدولار، وفق خبراء، محدود ولأيام قليلة فقط، قبل أن تسلك الليرة طريق هبوطها مجددا.

وأثار تعميم المركزي قلقا كبيرا إزاء رفع دولار منصة صيرفة، الذي تسبب بارتفاع أسعار بطاقات شحن رصيد الهواتف وتعرفة الكهرباء.

وعشية الدعوة لتحركات شعبية في وسط بيروت، الأربعاء، تزامنا مع عقد جلسة للجان البرلمانية، أعلنت أيضا جمعية المصارف مساء الثلاثاء تعليق إضرابها اعتراضا على الملاحقات القضائية للمصارف، وعللت تراجعها بتسيير شؤون الناس في رمضان وتجاوبا مع الاتصالات الجارية معها.

وانعكست هذه الاضطرابات الحادة بتقلبات الليرة والقرارات المرافقة لها فوضى بالأسواق خصوصا في الأطراف والمناطق الشعبية حيث يبلغ الفقر ذروة غير مسبوقة، وسط عجز الناس عن توفير أبسط حاجاتهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى