الشرق الأوسط

مشارقة يكتب خام الأورال الروسي .. السيناريو الأسوأ لم يحدث !!

محمود مشارقة
محمود مشارقة

اقتصادنا – دبي
كتب مدير قسم أسواق المال في صحيفة الاقتصادية والخبير في الشأن الروسي محمود مشارقة عبر صفحته في وسائل التواصل الاجتماعي فيسبوك مقالا تحت عنوان ” خام الأورال الروسي .. السيناريو الأسوأ لم يحدث !! ”
وجاء مقاله على النحو التالي
يبدو أن روسيا لم تجرب كل أسلحتها بعد ضد الغرب في المعركة الاقتصادية الموازية للحرب الجارية في أوكرانيا.
التحذير من سيناريو أسوأ في الحرب جاء على لسان وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، الذي قال إن الأسوأ “لم يتحقق بعد” وإن روسيا لا تزال ترسل الغاز، لكن توقف صنابيرها للغاز والنفط ربما يجعل الدول المستهلكة مضطرة للعودة إلى “العصر الحجري” واستخدام الفحم لتشغيل محطاتها للطاقة.
الأسئلة التي تطرح نفسها اليوم، هل حملات مقاطعة النفط والغاز الروسي يمكن تطبيقها على أرض الواقع خصوصا في ظل اعتماد أوروبا على موسكو في تأمين 40 % من احتياجاتها للغاز؟ وما حقيقة أن خام الأورال لا يجد مشترين؟ وهل من الممكن استخدام روسيا الطاقة سلاحا في حرب يزداد وقودها اشتعالا؟
بداية لا بد من التأكيد أن انهيار الطلب على النفط الروسي حاليا مؤقت وفني نتيجة ابتعاد المصافي والبنوك وأصحاب السفن عن سوق السلع الروسية خوفا من سلاح العقوبات الذي أشهرته دول الغرب ، لكن المشترين للخام يعاقبون أنفسهم فعليا وليس روسيا في سوق ضيقة يصعب فيها تأمين إمدادات نفطية بديلة بالسرعة المطلوبة ، وأكثر العارفين بحال سوق النفط يعلمون أن صناعة الخام تواجه تراجعا في الاستثمارات لأسباب تمويلية أفرزتها جائحة كورونا وبفعل عدم تعافي الطلب بالشكل المطلوب حتى الآن، كما يعاني المستثمرون في النفط الصخري الأمريكي اليوم من عراقيل إنتاجية مع تركيز الشركات الكبرى على منح عوائد للمساهمين على حساب الاستثمار في سوق متقلبة ، ومن مصلحة شركات الطاقة العالمية استمرار وتيرة نشاطها الحالي دون رفع التكلفة والاستفادة من قفزة الأسعار فوق 100 دولار للبرميل.
المعاناة التي يواجهها مشترو الخام الروسي هي ارتفاع أسعار الشحن والتأمين ضد الحرب، ولا يبدو ملاك السفن مستعدين لإجراء حجوزات من بحر البلطيق أو البحر الأسود بسبب عدم وجود تأمين ضد الحرب التي تتراوح علاوتها بين 20 الى 30 دولارا في سعر البرميل الواحد .
في ظل هذه المتغيرات بدأت روسيا بمنح خصومات وصلت الى 28 دولار لمشتري خامها الشهير الأورال عن سعر “برنت المؤرخ”، وبدأت تنجح فعليا بكسر حالة الجمود في السوق المتخوفة من العقوبات بخصومات سعرية مغرية لشركة شل.
خام الأورال الروسي رغم الصعوبات التي يواجهها لا يزال عنصرا أساسيا في استخدام المصافي في شمال غرب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط ، وهو مزيج من النفط الحامض الثقيل من جبال الأورال ومنطقة الفولغا مع النفط الخفيف القادم من سيبيريا الغربية. ومن الصعب على الأوروبيين التخلي عن مشترياته لأن ذلك يعني أن مصافيها ستحتاج لتحديث لاستخدام خامات بديلة عن “الأورال”.
الخوف اليوم هو من قيام روسيا بتغيير استراتيجيها بعد وصفها العقوبات ضدها بحرب عصابات اقتصادية ، وفي حال قيام موسكو بإعلان وقف امدادات الغاز والطاقة سنشهد أخطر ورقة روسية في الصراع قد تشل الاقتصاد الأوروبي وأمن الطاقة فيه، لكن الواضح حتى الان أن موسكو تتريث في إنهاء المعركة بشقيها العسكري والاقتصادي معطية نافذة المفاوضات الخلفية والوساطات دورها لتحقيق مكاسب في أماكن أخرى وتكوين جغرافيا بحرية جديدة لحدودها، وليس غريبا أن تكون المعركة في أوكرانيا ودوي أصوات مدافعها يعلو في مكان بعيد آخر على ضفاف الأطلسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى