أخر الأخبارأسواق العالم

وول ستريت تتجنب المخاطرة مع زيادة مخاوف الركود الاقتصادي

اقتصادنا – وكالات

شهدت وول ستريت محاولة جديدة للهروب إلى منطقة آمنة، مع قفزة في أسعار السندات وهبوط في أسعار الأسهم بعد الإعلان عن بيانات اقتصادية أضعف من المتوقع أعادت الحياة إلى مخاوف الأسواق من ركود اقتصادي وشيك.

سجل مؤشر “ناسداك 100” أداءً ضعيفاً مقارنة بأداء المؤشرات الرئيسية، وسط ابتعاد المستثمرين عن أسهم النمو. وتحملت بعض جيوب المضاربة في الأسواق التأثير الأكبر من موجة البيع، وقد تعرض مؤشر على أداء الأسهم الجديدة إلى ضربة عنيفة مع هبوط مجموعة من أسهم شركات التكنولوجيا غير الرابحة بنسبة تجاوزت 4%. وأنهت أسهم البنوك جلسة التداول منخفضة حتى بعد إفصاح مصرف “ويسترن ألايانس بانكورب” (Western Alliance Bancorp) عن ودائعه.

انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى أدنى مستوى منذ شهر سبتمبر، وسجلت انخفاضاً بنحو 1.5 نقطة مئوية دون سعر العائد على أذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر، وهو أعلى فارق بينهما منذ عقود ويعتبر من الناحية التاريخية إشارة موثوقة على اتجاه الاقتصاد نحو الركود. وارتفع سعر الدولار إلى جانب الين الياباني، بينما اقتربت أسعار الذهب من أعلى مستوى في 13 شهراً.

قال مارك هايفيلي، رئيس شؤون الاستثمار في شركة “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت” (UBS Global Wealth Management): “ارتفعت مخاطر ركود الاقتصاد، والتوقعات المستقبلية لأسواق الأسهم تمثل تحدياً، ومع وضوح اتجاه اقتصاد الولايات المتحدة إلى التباطؤ، نعتقد أن المستثمرين ينبغي أن يستعدوا لبلوغ ذروة أسعار الفائدة عبر دراسة الفرص المتاحة في سوق السندات”.

الذهب يستهدف مستوى قياسياً بعد استقراره فوق 2000 دولار للأونصة

بالنسبة إلى إدوارد مويا من شركة “أواندا” (Oanda)، يدرك المستثمرون ضرورة الأداء الاقتصادي القوي حتى تستمر الأسهم في الارتفاع. وقد لاحظ أيضاً أن عمليات البيع في الأسهم ليست قوية لأن معظم المتعاملين يعتقدون أن الاحتياطي الفيدرالي إذا لم يخفض الفائدة في التوقيت الذي تراهن الأسواق عليه، فإن مسؤولي البنك المركزي سوف يخفضونها بوتيرة أقوى في العام القادم.

أسواق عقود المقايضة
تراجع انخفاض عوائد سندات الخزانة في تعاملات نيويورك بعد الظهر، لكن التقلبات الشديدة أكدت توقف السوق بسبب بنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي رفع الشهر الماضي سعر الفائدة المعياري إلى نطاق 4.75% – 5%.

بالإضافة إلى تفضيل التوقف المؤقت عن رفع أسعار الفائدة – بدلاً من زيادتها ربع نقطة مئوية في مايو القادم – تتوقع عقود المقايضة المرتبطة بمواعيد اجتماعات البنك المركزي الآن انخفاض سعر الفائدة إلى 4% في ديسمبر.

صناع السياسة النقدية الذين تحدثوا منذ اجتماع مارس أكدوا أنهم يراقبون البيانات الاقتصادية لتحديد إلى أي مدى ستؤدي الأزمة المصرفية الأخيرة إلى صعوبة الحصول على الائتمان أو تباطؤ النمو.

قالت رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند لوريتا ميستر لتلفزيون “بلومبرغ” إن مسؤولي البنك سيحتاجون إلى رفع أسعار الفائدة “أعلى قليلا” ثم الإبقاء عليها مرتفعة لبعض الوقت بهدف إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف.

أضافت ميستر أن هذا لا يعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيواصل رفع أسعار الفائدة حتى يصل التضخم إلى ذلك الهدف.

التضخم قد يستمر حتى لو دخلنا في ركود اقتصادي

يرى كثير ممن يراقبون الأسواق أن شيئاً واحداً قد يدفع البنك المركزي نحو إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة، هو حقيقة أن عاماً كاملاً من زيادة الفائدة ربما يتسرب فعلاً في مختلف أنشطة الاقتصاد.

ومع ذلك، حتى لو أوقف بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة مؤقتاً، فإن “السياسة النقدية التقشفية ستستمر في إعاقة حركة الاقتصاد”، وفق تصريحات دون ريسميلر من شركة “ستراتيغاس” (Strategas).

“همس المخاوف”
على صعيد أخبار الاقتصاد، انخفض مؤشر “معهد إدارة العرض” بنحو أربع نقاط إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر مسجلاً 51.2 نقطة. أضف إلى ذلك نتائج آخر مسح أجراه المعهد للنشاط الصناعي، التي كشفت عن مزيد من تدهور القطاع، تجد أن هذه الأرقام ربما تعزز مخاوف الركود مع تشديد شروط الائتمان واستمرار ارتفاع أسعار الفائدة.

رغم أن حجم تدهور قطاع الخدمات في مؤشر “معهد إدارة العرض” لم يكن متوقعاً، فإن التفاصيل لا تشير حتى الآن إلى “مقدمة الركود”، بحسب تقديرات أوسكار مونوز من شركة “تي دي سيكيوريتيز” (TD Securities)، الذي أوضح أن هذه الأرقام تتوافق مع اقتصاد يفقد الزخم ويتجه معدل النمو فيه إلى الانخفاض على المدى القريب.

أظهرت أرقام منفصلة يوم الأربعاء من معهد أبحاث “إيه دي بي ريسيرش إنستيتوت” (ADP Research Institute) أن الوظائف في القطاع الخاص زادت 145 ألف وظيفة، وهي زيادة أقل من المتوقعة.

تسبق هذه البيانات تقرير الوظائف الأميركية الذي سيصدر يوم الجمعة وسط توقعات بأن أصحاب العمل أضافوا حوالي ربع مليون وظيفة الشهر الماضي وأن معدل البطالة ظل عند مستوى منخفض تاريخياً.

قال ستان شيبلي من شركة “إيفركور” (Evercore ISI): “إن حصيلة التوظيف في القطاع الخاص في أرقام معهد (إيه دي بي ريسيرش إنستيتوت) جاءت أضعف بكثير مما كان متوقعاً، ومع مؤشرات سوق العمل الأخرى التي تأتي تباعاً، تؤكد هذه الحصيلة إلى تدهور في سوق العمل. وتشير المخاوف التي تتردد في الأسواق إلى أن تقرير الوظائف الذي سيصدر يوم الجمعة سيكون ضعيفاً”.

فرص العمل في أميركا تقل عن 10 ملايين لأول مرة منذ 2021

بالنسبة إلى بيل آدامز من مصرف “كوميريكا بنك” (Comerica Bank)، فإن ارتفاعاً مفاجئاً في تقارير التضخم التي ستصدر الأسبوع القادم يستطيع قلب الموازين لصالح زيادة الفائدة مرة أخرى بمقدار ربع نقطة مئوية، رغم أن أرقام الوظائف الأخيرة تدعم وقف تشديد سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لاحظ آدامز أن “قوة الطلب في سوق العمل تراجعت. وهذا هو أحد شروط بنك الاحتياطي الفيدرالي لإيقاف حملة رفع أسعار الفائدة مؤقتاً، لكن البنك يريد أيضاً أن يرى تباطؤاً بنسبة أعلى في معدل التضخم الأساسي”.

1.5 تريليون دولار
موجة نزوح الأموال السائلة إلى الاستثمار في صناديق الاستثمار النقدية بدأت لتوها مع استعداد نحو 1.5 تريليون دولار أخرى إلى دخول هذه السوق في العام القادم، وفق تقديرات بنك “باركليز” (Barclays).

وتضخمت بالفعل أموال الصناديق النقدية المخصصة للاستثمار في الأوراق الحكومية فقط، وهي تستثمر فقط في الأوراق المالية التي لا تنطوي على أي مخاطر تقريباً مثل أذون الخزانة واتفاقيات إعادة الشراء، منذ تصاعد الخوف من اندلاع أزمة في القطاع المصرفي الشهر الماضي. يقول “باركليز” إن استمرار التخارج الجماعي من أسهم البنوك والصناديق النقدية التي تستثمر في سندات الشركات، والتي يمكنها شراء ديون أكثر خطورة من ديون الحكومة، لن يؤدي إلا إلى زيادة هذا الاتجاه حيث يبحث المستثمرون عن عوائد أعلى وأمان أكبر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى